منهج دراسة الحالة

منهج دراسة الحالة
منهج دراسة الحالة

ما مدى اهمية منهج دراسة الحالة Case Study لدى الاخصائي النفسي العيادي في سعيه الى الوصول الى التشخيص الدقيق و العلاج الفعال.

يعتبر الباحثين في تخصص علم النفس ان كل حالة من الحالات التي تخضع للفحص الإكلينيكي هي حالة فريدة من نوعها، تتطلب إجراءات دراسية خاصة بها تتفق مع وقدراتها العقلية ومكانتها الاجتماعية ومستواها الاقتصادي، وعمرها الزمني والتعليمي، لتكون ملائمة لها لتحقيق أغراض محددة تتبلور في رسم صورة واضحة للحالة بغية اتخاذ القرار الصحيح  بشأنها، وتقديم العلاج المناسب.

منهج دراسة الحالة:

إن دراسة الحالة تهدف الى جمع معلومات الشاملة بتفاصيل شخصية الدقيقة من حيث المنظور الدينامي، والترابطي، والعلائقي، والتاريخي، فنجد العديد من العلماء أكدوا على منحى دراسة الحالة الأهمية والشمولية في عملية التشخيص النفسي الإكلينيكي.

يؤكد العالم (جوليان (روتير (Rotter) بأن منهج دراسة الحالة يتيح للأخصائي جمع أكبر وأدق قدر من المعلومات حتى يتمكن من إصدار حكم قيم نحو المريض، وذلك من المعلومات التي يحصل عليها من خلال المناقشة المباشرة مع المريض، والمتضمنة طبيعة المشكلة وظروفها ومشاعر صاحبها، واتجاهاته، ورغباته والخبرات المؤلمة التي تعرض لها.

وتأتي المعلومات من الأسرة ورفاق العمل، والأساتذة بالمدرسة، وتساهم أيضاً الاختبارات النفسية إذا ما تم استخدمها بالشكل الصحيح  في الكشف عن القدرات العقلية والمهارات والميول المرضية.

ويقدم الطبيب المعالج تفاصيل الحالة الصحية وإصابات الدماغ، ويضيف الأخصائي معلومات جديدة عن تاريخ الحالة الاجتماعي، وظروف المعائلة ومستواها المعاشي.

يؤكد (روتير Rotter على ضرورة الحصول على المعلومات في من جميع المصادر المتاحة دون استثناء أو تفضيل مصدر على آخر، لأنها كلها تصب في تحقيق الهدف المطلوب هو تكوين صورة إكلينيكية متكاملة و دراسة الحالة عن الحالة كي يتحقق الفهم الشامل لها.

ان دراسة الحالة يقصد بها المعلومات التي تجمعها عن المريض من أي مصدر كان وتشمل تاريخ الحالة الذي يقصد به: (تلك المعلومات التي نجمعها عن المريض منذ ولادته حتى الوقت الحاضر)، ومن المقابلة التشخيصية، ونتائج الاختبارات النفسية.

ويشير العديد من المتخصصين إلى أن تاريخ الحالة أداة قيمة تكشف لنا وقائع حياة شخص معين منذ ولادته حتى الوقت الحالي، وهذه خطوة أساسية في العمل لجمع المعلومات عن الحالة كأسلوب منظم، لكنهم يحذرون من عيوب دراسة الحالة ونقائصها وانه كتقنية تشخيص نفسي اذا ما تم استخدمها بمفردها لن تمدنا بمزيد من مؤشرات تشخيصية الهامة، وليس هناك ضمان لدقتها، فهي محاولة لفهم سلوك المريض وحالته في صورة تطورية تتابعية وتاريخية.

يؤكد الطبيب الفرنسي نولان لويس Nolan Louis على أهمية دراسة الحالة وضرورتها بقوله :

عند دراسة أي مريض من المهم أن ندرس تاريخه السابق، تاريخ نموه الجسمي والعقلي وتاريخ أمراضه وسلوكه العصابي، وبدون هذه المعلومات يصبح من المستحيل في معظم الحالات أن نفهم طبيعة الاضطراب الموجود، أن نضع تشخيصاً دقيقاً، أو نحدد خطة علاجية واضحة.

إتجاهات دراسة الحالة

يتفق العلماء أن دراسة الحالة تأخذ اتجاهين هما:

الاتجاه التحليلي:

هو الاتجاه الذي يركز على الخصائص والصفات التي تتميز بها الحالة بما في ذلك البيانات الأولية والخصائص الجسمية والعقلية والانفعالية، والاجتماعية إلى جانب النواحي الدراسية والمرضية، ثم الشكوى وأسبابها، إضافة إلى الأعراض التي يعاني منها المريض النفسي.

الاتجاه التركيبي:

وهو الاتجاه الذي يهتم بعرض صورة وظيفية متكاملة للمريض النفسي في نواحي التكيف والحياة المختلفة.

و تثبت بعض الدراسات ان دراسة الحالة تبقى مصدراً جيداً من مصادر التشخيص مع مراعاة ما يلي:

– أن توضع لدراسة ضوابط، وذلك برفع مقدار الثبات والصدق لها.

– أن يتم التاكد من صحة المصادر في البداية ومن صحة التقييم لها عند كتابة التقرير النفسي.

و يرى أديب الخالدي أن دراسة الحالة هي أقرب إلى أن تكون طريقة عملية منظمة لجمع المعلومات والبيانات، يقوم بها الاخصائي النفسي الإكلينيكي، كي تساعده على تحديد الجوانب المختلفة التي تشتمل عليها شخصية الفرد الذي يطلب التدخل الإكلينيكي شريطة أن تتوفر فيها الموضوعية من مصادر المعلومات، والدقة في الإجراء بغية استخدامها في عملية التشخيص النفسي الإكلينيكي، ولا تعد بأي حال وسيلة وحيدة للتشخيص، ولذا نقترح عند القيام بدراسة الحالة إلى مراعاة الأسس التالية:

أسس دراسة الحالة

الأساس الأول:

تعدد الأساليب

إن النتائج التي نحصل عليها من خلال دراسة الحالة عن الجوانب المختلفة لشخصية المريض تبقى ناقصة كماً ونوعاً ولا ترتق إلى الدقة الكاملة ما لم يتم الاستعانة بنتائج الاختبارات النفسية التشخيصية المقننة والاختبارات الإسقاطية، مع بعض الحالات، فضلاً عن ما تقدمه المقابلة التشخيصية من معلومات وبيانات مباشرة من المريض تضاف إلى المعلومات المتوفرة لذى الأخصائي الإكلينيكي.

الأساس الثاني:

دقة المعلومات

إن المعلومات التي تتضمنها بطاقة دراسة الحالة قد تكون مضللة، لأن بعض المصادر قد تعطي هذه المعلومات لضمان السلامة الاجتماعية، والتحصين النفسي للمريض، أو المرغوبية الاجتماعية لأسرته وعدم تعرضها إلى النبذ الاجتماعي، وفضلاً عما يأتي من بيانات تحتاج إلى ضبط الكذب والتناقض بينها.

الأساس الثالث:

كفاءة الفاحص

إن المعلومات التي توفرها دراسة الحالة في سبيل عملية التشخيص تتأثر بإتساع وضيق الخبرة المعرفية لدى الأخصائي النفسي الذي يقوم بدراسة الحالة، فضلاً عن النواحي المزاجية، والانفعالية والمعرفية، وبموضوعية في ضوء ما يمتلكه من قدرات عقلية وثقة بذاته، لذا يتطلب من القائم بدراسة الحالة أن يمتلك خبرة واسعة في العمل بالمجال التشخيصي النفسي الإكلينيكي، وقادراً على اتخاذ القرارالمناسب، ويتصف بالمرونة في التعامل مع الحالة المرضية المختلفة.

الأساس الرابع

الصعوبات التكنيكية

إن طبيعة دراسة الحالة بما تتسع لتشمل بيانات تفصيلية بدءً من تاريخ الحالة، وانتهاءاً بالأعراض التي تعاني منها تحاط بصعوبات كثيرة يجب مراعاتها ومعالجتها قبل وأثناء الدراسة منها على سبيل المثال لا الحصر، الوقت المخصص صعوبات الحصول على مصادر المعلومات وقلتها، كثرة التكاليف وضخامة الجهد، خاصة وأنه في حالة حدوث أي خلل في أحد هذه المسافات تعتبر دراسة الحالة غير دقيقة، مما قد الى الفشل في تحديد الاسلوب العلاجي المناسب للعميل.

المرجع :

عزيزة عنو،محاضرات الفحص النفسي العيادي،دار الخلدونية،الجزائر،2017.

guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
رؤية كل التعليقات