الاخصائي النفسي العيادي و العلوم العصبية

هل التكوين في مجال العلوم العصبية له اهمية لدى الاخصائي النفسي العيادي

مقدمة

  1. تعريف الاخصائي النفسي العيادي 
  2. السمات الشخصية للاخصائي النفسي العيادي 
  3. دور الاخصائي النفسي العيادي 
  4. اعداد الاخصائي النفسي العيادي 
  5. تعريف علم النفس العصبي 
  6. الفرق بين الاخصائي النفسي العيادي و الاخصائي النفسي العصبي 
  7. متطلبات اعداد الاخصائي النفسي العيادي في المجال العصبي 

الخاتمة

الاخصائي النفسي العيادي و العلوم العصبية

يحتاج طبيب الأعصاب إلى دراسة الطب النفسي وعلم النفس، والطبيب النفسي يجب أن يكون ملماً بكل من العلوم العصبية ( علم الاعصاب )  وعلم النفس، والاخصائي النفسي العيادي يجب عليه أيضاً أن يكون على دراية بمجال العلوم العصبية والطب النفسي .

ولهذا يهدف هذا المقال إلى إبراز الفرق بين المختص النفسي العيادي والمختص النفسي العصبي، وكذا دور المختص النفسي العيادي ومتطلبات تكوينه في مجال العلوم العصبية.

مقدمة

يعتبر موضوع علم النفس العصبي من التخصصات العلمية المهمة والحديثة، وذلك في كافة الجامعات ومراكز البحوث العلمية الصحية والنفسية والعصبية، وموضوع هذا العلم له علاقة مباشرة أو غير مباشرة بالموضوعات العلمية الأخرى، مثل: الطب والطب النفسي والأمراض النفسية، والصحة النفسية والتربية الخاصة وغيرها من التخصصات ،و دون هذا العلم لا يستطيع الإنسان فهم وتفسير السلوك الإنساني بشكل علمي ودقيق ولهذا العلم تاريخه ومنهجه وطرائقه في البحث والتشخيص وهذا ما اكسبه أهمية خاصة لدى الاختصاصي النفسي العصبي وأخصائي علم النفس العيادي او الاكلينيكي  الذي يستفيد من المعلومات والخبراء العصبيين في مجال التشخيص والعلاج وتفسير النتائج وإجراء تقييمات دقيقة وشاملة لحالات الإصابات أو الأمراض.

ومن أجل ضمان ممارسة سيكولوجية فعالة أعادت الكثير من الجامعات النظر في طريقة ومضمون ومدة تكوين الأخصائيين النفسيين، واستحدثت لأجل ذلك بعض العلوم، كالعلوم العصبية التي لا بد على المختص النفسي أن يكون ملما بها أو على الأقل مطلعا عليها.

1 – تعريف الاخصائي النفسي العيادي

يعرف الاخصائي النفسي العيادي هو الشخص الذي يدرس الحياة العاطفية، العقلية والسلوكية للأفراد، كما يستعمل طرق خاصة للتحليل التقييم والعلاج النفسي والإرشاد والوقاية وبمعنى أخر هو كل فرد مختص في العلوم الانسانية، متخصص في تحليل السلوك والأفكار والانفعالات الإنسانية فهو يدرس الإنسان في ديناميكيته الفردية وفي علاقاته مع الآخرين.

وتكمن أهميته في التقييم التشخيصي، والوقاية والمساندة والكفالة النفسية الفردية أو العائلية، العلاجات النفسية كما يمكن أن يقوم بالبحث والإشراف على فرق المتربصين و الطلبة في طور التكوين  .

كما يعرف الاخصائي النفسي العيادي، بأنه “أخصائي نفسي حاصل على درجة علمية عالية غالباً ما تكون ليسانس او ماجستير او ماستر او الدكتوراه، ومتخصص في السلوك المرضي وهو متمرن على تشخيص وعلاج اضطرابات الشخصية والاضطرابات النفسية الأخرى غير العضوية ويقوم أيضا بعمل البحوث و الدارسات النفسية من أجل الوقاية و تطوير الصحة النفسية للأفراد

2 – السمات الشخصية للاخصائي النفسي العيادي

لابد للأخصائي النفسي أن يتميّز بمجموعة من السمات الشخصية الخاصة باعتباره يعمل يوميا مع عدد من الأشخاص الذين يعانون بدرجات مختلفة من مشكلاتهم وصعوباتهم النفسية والعقلية والذين يختلفون فيما بينهم اختلافا كبيرا من حيث توقعاتهم من المعالج النفسي، ومن حيث خصائصهم النفسية وظروفهم المسيطرة عليهم.

وقد أوردت اللجنة الخاصة بالتدريب لعلم النفس الإكلينيكي في جمعية علم النفس الأمريكية المميزات التي ينبغي ان تتوفر لدى الأخصائي النفسي العيادي منها:

– ينبغي أن يكون الاخصائي النفسي على قدر من الاهتمام بالآخرين، والرغبة في مساعدتهم دون أن تكون لديه الرغبة في السيطرة عليهم وتوجيههم وجهات معينة يرى أنها في مصلحتهم.

– ينبغي أن يكون الأخصائي النفسي على قدر عال من الاستبصار بدوافعه ومشاعره وحاجاته ورغباته، وشعور الأخصائي بنواحي النقص بمخاوفه وفهمه لها؛ يمكنه من السيطرة عليها، وبالتالي من تفادي أثرها على عمله.

– ينبغي أن يكون الأخصائي النفسي على قدر كاف من التسامح فيما يتعلق بقيم الأفراد واتجاهاتهم وأنماط سلوكهم وأساليب تفكيرهم، فلا يشعر بالعداوة نحو الجماعات الدينية أو الاجتماعية الأخرى.

– ينبغي أن يكون الأخصائي النفسي على قدر من تكامل شخصيته والسيطرة على ذاته أو نفسه، ذلك أن عمله ومن يتعاملون معه يتطلبون أن يكون على قدر کاف من التكامل الذي يوحي بالثقة، ولكي يصل الأخصائي النفسي إلى المستوى الذي يتطلبه تدريبه وتخصصه هذا، فإنه ينبغي أن يكون على قدر عال من القدرة على التحصيل الأكاديمي والذكاء الاجتماعي والميل الحقيقي إلى ما يقوم به من عمل، وكذلك أن يتصف بصفات المرونة والقيادة والانطلاق والإبداع، حيث أن واجبات الأخصائي النفسي، تتضمن بحث مشكلات التوافق والقدرة على تقييمها موضوعيا، فقد اعتبرت شخصية الأخصائي النفسي وتوافقه من العوامل الهامة لنجاحه في مهمته.

ونظراً لعدم وجود معيار موضوعي صادق للحكم على شخصية الأخصائي النفسي، فإن القائمة التي وضعتها لجنة التدريب في علم النفس الإكلينيكي، تضمّنت الصفات الآتي ذكرها على أنها مطلوبة فيمن يقدم على العمل في هذا المجال :

– القدرة العلمية الممتازة؛ الأصالة وسعة الحيلة؛ حب الاستطلاع الاهتمام بالأشخاص كأفراد؛ الاستبصار في الشخصية المميزة للفرد؛ الحساسية لتعقيدات الدوافع القدرة على تكوين علاقات طيبة ذات أثر مع الآخرين؛ المثابرة؛ المسؤولية؛ اللباقة؛ القدرة على ضبط النفس؛ الإحساس بالقيم الأخلاقية الأساس الثقافي المتسع ؛ التحمّل؛ الاهتمام العميق بعلم النفس عامة وعلم النفس الإكلينيكي خاصة .

3 – دور الأخصائي النفسي العيادي :

تتحدد مهنة الأخصائي النفسي في تقديم خدمات للآخرين؛ بغرض مساعدتهم وتحسين حياتهم لكي يتكيفوا مع مجتمعهم، وينحصر عمل الأخصائي في المهام النوعية الآتية:

– تقويم السلوك غير السوي  إلى السلوك السوي.

القيام بكل أنواع العلاج النفسي لكافة الأنماط الإكلينيكية التي تطلب العون للتخلص من مشكلات نفسية أو اجتماعية أو مهنية أو تطلب الإرشاد بطرائق أكثر إيجابية وفعالية لمساعدتهم على حياة أفضل.

– مساعدة المريض لتعليمه كيفية القيام بأدواره الاجتماعية بطريقة تكون أكثر نضجا.

– بناء العلاقات الإنسانية المتينة بين المعالج وصاحب الحالة والمجتمع.-

أكد العديد من الباحثين أن عمل الاخصائي النفسي يندرج تحته التعامل مع مشكلات الأفراد في العلاج النفسي منها: الجنسي، جنوح الأحداث، الإدمان المخدرات الاكتئاب العصبية الانفعالات الحادة والمشكلات الحادة التي تتصف باتصالها بالشعور والمشكلات الحادة التى تتصف باتصالها باللاشعور.

ومن هنا يتضح، بأن مجال عمل الاخصائي النفسي لا يقتصر على المستشفيات أو العيادات النفسية، بل يمتد ليشمل ميادين أخرى، كالسجون، ومراكز ذوي الاحتياجات الخاصة ودور الشباب، ومراكز الصحة المدرسية، وغيرها من الميادين التي تهتم بالسلوك الانساني من أجل صحتهم النفسية وفعاليتهم وإنتاجيتهم في المجتمع ،ولقد حدد المعجم المهن في الولايات المتحدة الأمريكية واجبات الأخصائي النفسي العيادي فيما يلي:

– يقوم الاخصائي النفسي العيادي بتشخيص اضطرابات الأفراد العقلية والانفعالية في العيادات والمؤسسات الأخرى، كما يقوم بتنفيذ برامج العلاج والوقاية، وبمقابلة المرضى ويدرس تاريخ الحالة الطبي والاجتماعي، ويقوم أيضا بتقييم الشخصية عن طريق تطبيق مختلف أنواع الاختبارات النفسية، حيث يقوم بتفسير نتائجها ليشخص المرض النفسي ويضع برنامج العلاج ويعالج في الوقت ذاته الاضطرابات النفسية لإحداث التوافق باستخدام أنواع العلاج المختلفة مثل العلاج العائلي العلاج باللعب، والسيكو دراما، وغيرها.

كما يختار الأسلوب الذي يستخدم في العلاج الفردي، مثل العلاج الموجه والعلاج غير الموجه والعلاج السندي، ويخطط لبرمجة حلقات العلاج أسبوعيا وعمقه ومدته ، ويتعاون مع تخصصات مهنية أخرى، مثل أطباء الأمراض العقلية، وأطباء الأطفال وأطباء الأعصاب وغيرهم كالأخصائيين الاجتماعيين لتطوير برامج علاج المرضى التي تعتمد على تحليل البيانات العيادية.

كما يقوم بتدريب الطلبة الذين يؤدون تربصاتهم في المستشفيات والعيادات، ويعمل على تطوير التصميمات التجريبية، ويقوم بإجراء البحوث في ميدان تطور الشخصية ونموها، وفي مشكلات التشخيص والعلاج والوقاية من الأمراض العقلية، وقد يعمل كمستشار في المؤسسات الاجتماعية والتربوية والترفيهية والمؤسسات الأخرى، كما يستخدم مهاراته في التدريس و البحث و الاستشارة .

وبالاعتماد على ما سبق يمكننا القول بأن كلمة عيادي لا ينبغي أن تكون محصورة في التطبيقات الذاتية المشتركة في مجال الصحة، أي أنه لا ينبغي أن تكون محصورة في ميدان معين بل تتعدى ذلك إلى التناول العيادي للمؤسسة، بالإضافة إلى أهمية الإبداع في هذا المجال ، كما يتدخل الأخصائيون النفسانيون العياديون في مختلف الميادين: ميدان ا الصحة، الميدان الطبي الاجتماعي الميدان القضائي، الميدان التربوي الميدان المهني، ميدان البحث وغيرها يكونون في اتصال مع مختلف أفراد المجتمع أطفال مراهقين، راشدين، الأشخاص المسنين، البطالين و غيــرهـم كالإعاقة، الأمراض العقلية أو الجسدية، مواقف صدمية، مشكلة الإدمان الإنهاك و الاحتراق المهني والشيخوخة المرضية وغيرها.

4- إعداد الاخصائي النفسي العيادي:

– إن الممارسة العيادية مهما كان نوعها لها خصائصها المميزة، إنها ليست مجرد تعامل مع مواد يتم اختبارها واستخلاص نتائجها، وإعطاء أرقام معينة بل هي مهنة إنسانية، قبل كل شيء، تتعاطى مع الإنسان في بعديه الذاتي والموضوعي، له تاريخه الشخصي الذي يتشابك فيه ماضيه وحاضره مع تطلعاته المستقبلية وعلى هذا الأساس فالأخصائي النفسي يتعامل  مع المفحوص ضمن هذا الإطار. .

ويترتب على إعداد الأخصائي، إعداد مكثف في الجانبين النظري والعملي مسؤوليات كبيرة حتى يستطيع أن يمارس عمله بشكل متقن، وهذا يعني أن يكون له إطار مرجعي يستند إليه في ممارسته العيادية لتدعيم هذه المعرفة وتطورها

وحتى يُعد الأخصائي النفسي للعمل الإكلينيكي، ينبغي أن يدرس بعض الفروع المختلفة لعلم النفس منها:

أ – علم النفس الطفل : بحكم أن جميع الذين يتعامل معهم، إما أطفال أو إنهم كانوا، وأن معظم مشكلات الكبار نشأت جذورها الأولى في مرحلة الطفولة.

ب علم النفس الاجتماعي : باعتبار أن عددا  من  المشكلات الاجتماعية لا يمكن فهمها بعيدا عن العلاقات الاجتماعية والضغوط

ج-علم النفس المهني : باعتبار أن الإنسان يعيش ما يقرب ثلث حياته (في مرحلة الرشد) في العمل.

د – مناهج البحث والإحصاء: فهي تساعده على القيام بالبحوث في ميدانه  بالإضافة إلى دراسة سيكولوجية التعلم وديناميات الشخصية، والانفعالات والدوافع. وينبغي أن يتابع الأخصائي النفسي تدريبا طويلا تحت إشراف دقيق وتوجيه مباشر من المسؤولين عن هذا التدريب في العيادات والمستشفيات النفسية، ويستفيد من خبرة الأخصائيين في التشخيص والعلاج ويكتسب منهم تقاليد المهنة وأساليبهم في المواقف المختلفة .

. كما وضع بعض الباحثين بيانا يحدّد فيه ثلاثة أنواع من الدراسات التي ينبغي أن يدرسها الأخصائي النفسي وهي:

– الدراسات الأساسية التي تساعد في دراسة علم النفس مثل: الفيزيولوجيا – الإعاقة الجسمية والأمراض الجسمية – علم الوراثة – العلوم العصبية (علم الأعصاب) – الأنثروبولوجيا – البيئة النفسية – مبادئ السلوك – علم النفس الصناعي والمهني – الطب العقلي.

– الدراسات التقنية التي تتطلبها المهارات التي ينبغي أن يتزود بها في عمله وهي نفس الدراسات لكن على مستوى أعمق.

– الدراسات الإكلينيكية التي يقوم بها الطالب بتوجيه وإشراف أساتذته ومنها مشكلات المعوقين جسميا – سوء التوافق الشديد المشكلات السيكوباتية)، الضعف العقلي ،الذهان الإجرام الأمراض العصابية، والفردية – المشكلات السيكوسوماتية.

5- تعريف علم النفس العصبي:

هو علم تطبيقي، يهتم بالتعبير السلوكي عن العجز في وظائف المخ، ويمثل نموه السريع استجابة للمشكلات العملية في التعرف عل مرضى المخ وتقييمهم وإعادة تأهيلهم .

وبطريقة أخرى يعد علم النفس العصبي في أبسط تعريفاته ” الدراسة التي تتناول العلاقة بين المخ البشري والسلوك الانساني” وهو أحد فروع علم النفس، والذي ينقسم إلى قسمين رئيسيين هما:

ا – علم النفس العصبي العيادي او الاكلينيكي:

يختص بدراسة الحالات التي تعاني من اضطرابات بالمخ، والتي يمكن أن تكون نتيجة لمرض أو ورم أو إصابة بالمخ أو راجعة إلى تغيرات بيوكيميائية بسبب التعرض لمواد سامة، أو نتيجة للتدخل الجراحي العصبي لعلاج بعض المشكلات العصبية، كما يهتم علم النفس العصبي الاكلينيكي بدراسة الفروق الوظيفية بين نصفي المخ الانساني وصعوبات التعلم، كما يقوم أيضا بتطوير الأدوات وتقنيات القياس المستخدمة، ليس فقط من أجل البحث العلمي في علاقة المخ الانساني بالسلوك البشري، ولكن أيضا من أجل تقديم خدمة نفسية من خلال المساهمة في عملية تشخيص اضطرابات المخ، وعلاج الأفراد المصابين باضطرابات مخية .

ب – علم النفس العصبي التجريبي:

يقوم بدراسة الأفراد العاديين ذوي المخ السليم وهو مجال حديث في علم النفس العصبي إذ تساعد على سرعة ابتكار كثير من التقنيات المستخدمة في المعمل لدراسة الوظائف العقلية العليا بالمخ، بالإضافة إلى دراسة الفروق الوظيفية بين نصفي المخ لدى الأفراد العاديين ، فالاخصائي النفسي العصبي العيادي يعمل بشكل أساسي مع المرضى الذين عندهم تلف في الدماغ أو مصابون بأمراض في الجهاز العصبي أو أيأمراض جسمية أو طبية يمكن أن تؤثر عل وظائف الدماغ بالإضافة إلى ذلك فإنه يعمل مع مرضى

النفسي والعصبي، فالاخصائي النفسي العصبي، يتدرب للتعرّف على السلوكيات المعرفية والانفعالية التي ترتبط بإصابة أو مرض الدماغ، ويستعمل اختبارات أو إجراءات صممت تحديدا لتقييم الخلل أو العجز في العمليات المعرفية أو السلوكية كأعراض ثانوية للتلف أو الخلل في وظائف الدماغ، وهو كذلك على وعي بحساسية هذه الاختبارات والاجراءات للعجز في العمليات المعرفية أو السلوكية سواء كان التلف في الدماغ بشكل منتشر أو محدد في منطقة معينة.

كما يمكننا أن نعرف الأخصائي النفسي العصبي، بأنه أخصائي نفسي تخصص في دراسة العلاقة بين كل من المخ والسلوك، وتلقى تدريبات مكثفة وواسعة في مجال تشريح وفسيولوجيا وباثولوجيا الجهاز العصبي وخاصة المخ، ولديه مهارات نوعية في استخدام أدوات التقييم التي تكشف وظائف المخ، مع القدرة على التقييم والتفسير والتنبؤ وبعض الأخصائيين العصبيين يتخصصون في الأعمال البحثية، والبعض الآخر يعمل في مجال تقييم وتدريب الأفراد الذين لهم اضطرابات وظيفية في الجهاز العصبي

6 – الفرق بين الاخصائي النفسي العيادي والاخصائ النفسي العصبي:

يُعد علم النفس العصبي أحد التطورات الحديثة لعلم النفس العيادي، فهل الاخصائي النفسي العيادي هو نفسه الاخصائي النفسي العصبي؟

بالرغم من أن علم النفس العصبي انبثق من علم النفس العيادي، لكن ليس بالضرورة أن يكون الاخصائي النفسي العيادي أخصائيا نفسيا عصبيا؟ فالعيادي قد لا يدخل المجال العصبي اطلاقا وتظل حدود مهمته في مجالات بعينها.

أما الأخصائي النفسي العصبي فيعمل في المجال العيادي وقد يبدأ مجال عمله في المجال العصبي أي من الممكن أن يعمل من البداية في مجال علم النفس العصبي دون أن يمر بمجالات علم النفس العيادي، فمهام الأخصائي النفسي العيادي تقتصر في أنه يستخدم جميع أدواته في كل ما يساعده في الكشف عن جوانب معينة من الشخصية، سواء ما تعلق بالذكاء أو قدرات أو استعدادات أو ميول… إلخ. في حين تكمن مهام الأخصائي النفسي العصبي، فيما يلي:

تقديم براهين توضح تأثير إصابة المخ على الوظائف المعرفية في الوقت الذي لا تستطيع فيه الأدوات التشخيصية الأخرى ذات التقنية العالية أن تمدنا بنفس المعلومات

– يستطيع أن يوضح لنا ما إذا كان الاضطراب السلوكي الظاهر على المريض هو نوع من الادعاء والتمارض، أم نتيجة اكتئاب مثلا أم نتيجة لإصابة مخية (سبب عضوي)، أم أنه أحد مظاهر الأعراض الجانبية للعلاج المستخدم.

يرى العديد من المتخصصين ان  دور الأخصائي في علم النفس العصبي هام جدا، وبخاصة في مجالات تشخيص وعلاج والوقاية من الاضطرابات النورسيكولوجية، لهذا يعتبر دوره امتداداً ومكملاً لدور الأخصائي النفسي العيادي، فلا ينقص عمل أخصائي النفسي العصبي من عمل الأخصائي ولا الأخصائي ينقص من عمل الأخصائي النفسي العصبي أو مكانته، لأنهما متكاملان، فعلى كلّ منهما أن يلتزم ويحترم هذا التكامل فيوجه الحالة أو المريض) لزميله حين يتطلب الأمر ذلك بكل موضوعية وأخلاقية مهنية.

وخلاصة القول إن الأخصائي النفسي العيادي لا يكون بالضرورة قادرا على ممارسة وظائف الأخصائي النفسي العصبي، بينما قد يكون الأخصائي العصبي قادرا على القيام بمهام العيادي.

7 – متطلبات اعداد المختص النفسي العيادي في المجال العصبي:

يحتاج المختص النفسي العيادي لمعرفة النواحي العلاجية وتأثيرات الأدوية على الجانب المعرفي والسلوكي للمريض، حتى يمكنه التفرقة بين تأثيرات الإصابة المخية على الوظائف المعرفية وبين الآثار الخاصة بالأدوية التي يتناولها المريض، وأخيرا يجب أن يكون على دراية ولو بسيطة.

إن الأمر يتطلب ببساطة تدريبا واسعا ومكثفا وعميقا في العديد من المجالات، ولسوء الحظ، فإن الأمر ليس كذلك في الواقع، ومن خلال رصد طبيعة الدراسة في معظم الجامعات العربية يمكن القول بأن العلوم العصبية بشكل عام لا يتم دراستها على النحو الذي يسمح بالإلمام بالجوانب الهامة في هذه العلوم، ومن ثم يصبح من الصعب على طالب الدراسات العليا أن يكمل دراسته أو تخصصه في علم النفس العصبي بشكل صحيح، وبالتالي يتطلب الأمر تغييرا للكثير من المناهج التي تم تلقينها لطلابنا، دون أن يحصلوا على التدريب الكافي لهم وهو مجال الأمراض النفسية والعقلية وقد يرجع ذلك إلى أنه لا يوجد نظام تدريبي موحد ومقنّن لكل الأخصائيين العياديين، كما أن نوعية التقييم تختلف بشكل كبير. وعلى ضوء ما سبق، يتطلب الأمر تغييرا للكثير من المناهج و المقاييس التي يتم تدريسها لطلبة علم النفس في المستويات الدراسية المختلفة من معارف ،وتدريبات كما يتطلب تحديدا لطبيعة الدور الذي سيقوم به الأخصائي النفسي بعد تخرجه ووضع البرامج التعليمية والتدريبية الميدانية التي تتناسب مع طبيعة هذا الدور.

كما يتطلب الأمر أن نحدد وضع خريجينا على خريطة عالمنا المهني، والنظرإلى التغيرات التي تحدث حولنا في العالم من حيث دقة التخصص ومتطلباته وهذا لا يعنى أن يلم خريج علم النفس أو طالب الدراسات العليا لمهارات ومعلومات في الطب النفسي وطب الأعصاب إلى الحد الذي يكون مطلوبا منه علاج حالات الأمراض العصبية والنفسية وإعطاء العقاقير لأنه أحد الجوانب الطبية المتخصصة ، وإنما أن يعرف كل الجوانب التي من شأنها أن تؤثر على سلوك الفرد بما في ذلك حالته النفسية والعصبية وما يتناوله من عقاقير تؤثر على سلوكه.

خاتمة:

على الرغم من التقدم الذي حققه علم النفس العصبي و العلوم العصبية بشكل عام  على مستوى مراكز البحث في العالم الغربي، ما يزال هذا العلم لم يلق في أوساطنا العربية الاهتمام الكافي، حيث تندر المؤلفات أو المراجع علمية، كما أن هناك قلة في البحوث العلمية في هذا الإطار، على الرغم من حاجة طلبتنا وباحثينا في الوطن العربي إلى مثل هذه الموضوعات، والتخصصات الهامة والنادرة  إن الأمر يحتاج إلى تعاون وبذل الجهود من أجل تطوير هذا العلم ووضع أساس علمي متين بما يعود بالفائدة على  الطلبة و الباحثين و المهتمين والمجتمع ككل .

المرجع : 

حنان بلعباس . اهمية تكوين المختص النفسي العيادي في مجال العلوم العصبية . مجلة افاق للعلوم . 2019 . (بالتصرف)

guest
0 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
رؤية كل التعليقات